الصراط
الصراط
الصراط
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصراط

منتدي اسلامي عام سبحانك يا الله لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم.
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قواعد في تفسير القرآن الكريم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:07 am

بسم الله الرحيم الرحمن


الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً
أما بعد
فهذه أصول وقواعد في تفسير القرآن الكريم، جليلة المقدار، عظيمة النفع، تعين قارئها ومتأملها على فهم كلام الله، والاهتداء به، ومخبرها أجل من وصفها . فإنها تفتح للعبد من طرق التفسير، ومنهاج الفهم عن الله: ما يغني عن كثير من التفاسير الخالية من هذه البحوث النافعة .
أرجو الله وأسأله أن يتم ما قصدنا إيراده، ويفتح لنا من خزائن جوده وكرمه ما يكون سبباً للوصول إلى العلم النافع، والهدى الكامل .
واعلم أن علم التفسير أجل العلوم على الإطلاق، وأفضلها وأوجبها وأحبها إلى الله، لأن الله أمر بتدبر كتابه، والتفكر في معانيه، والاهتداء بآياته، وأثنى على القائمين بذلك، وجعلهم في أعلى المراتب، ووعدهم أسنى المواهب، فلو أنفق العبد جواهر عمره في هذا الفن، لم يكن ذلك كثيراً في جنب ما هو أفضل المطالب، وأعظم المقاصد، وأصل الأصول كلها، وقاعدة أساس السعادة في الدارين، وصلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وبه يتحقق للعبد حياة زاهرة بالهدى والخير والرحمة، ويهيء الله له أطيب الحياة والباقيات الصالحات .
فلنشرع الآن بذكر القواعد والضوابط على وجه الإيجاز الذي يحصل به المقصود، لأنه إذا انفتح للعبد الباب، وتمهدت بفهم القاعدة الأسباب، وتدرب منها بعدة أمثلة توضحها وتبين طريقها ومنهجها، لم يحتج إلى زيادة البسط وكثرة التفاصيل، ونسأله تعالى أن يمدنا بعونه ولطفه وتوفيقه، وأن يجعلنا هادين مهتدين بمنه وكرمه وإحسانه .
_______________________

القاعدة الأولى : كيــــــــــــــف تلقـــــــــــــــي التفسيــــــــــــــــر
كل من سلك طريقاً وعمل عملاً، وأتاه من أبوابه وطرقه الموصلة إليه، فلا بد أن يفلح وينجح ويصل به إلى غايته، كما قال تعالى: { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } [البقرة: 189] .
وكلما عظم المطلوب تأكد هذا الأمر، وتعين البحث التام عن أمثل وأقوم الطرق الموصلة إليه، ولا ريب أن ما نحن فيه هو أهم الأمور وأجلها، بل هو أساسها وأصلها .
فاعلم أن هذا القرآن العظيم أنزله الله لهداية الخلق وإرشادهم، وأنه في كل وقت وزمان ومكان يرشد إلى أهدى الأمور وأقومها
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء: 9] .
فعلى الناس أن يتلقوا معني كلام الله كما تلقاه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فإنهم كانوا إذا قرأوا عشر آيات، أو أقل أو أكثر، لم يتجاوزوها حتى يعرفوا ويحققوا ما دلت عليه من الإيمان والعلم والعمل، فينزلونها على الأحوال الواقعة يؤمنون بما احتوت عليه من العقائد والأخبار، وينقادون لأوامرها ونواهيها، ويطبقونها على جميع ما يشهدون من الحوادث والوقائع الموجودة بهم وبغيرهم، ويحاسبون أنفسهم: هل هم قائمون بها أو مخلون بحقوقها ومطلوبها؟ وكيف الطريق إلى الثبات على الأمور النافعة، وتدارك ما نقص منها؟ وكيف التخلص من الأمور الضارة؟ فيهتدون بعلومه، ويتخلقون بأخلاقه وآدابه، ويعلمون أنه خطاب من عالم الغيب والشهادة موجه إليهم، ومطالبون بمعرفة معانيه، والعمل بما يقتضيه .
فمن سلك هذا الطريق الذي سلكوه، وجَدّ واجتهد في تدبر كلام الله، انفتح له الباب الأعظم في علم التفسير، وقويت معرفته واستنارت بصيرته، واستغنى بهذه الطريقة عن كثرة التكلفات، وعن البحوث الخارجية، وخصوصاً إذا كان قد أخذ من علوم العربية جانباً قوياً، وكان له إلمام واهتمام بسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحواله مع أوليائه وأعدائه، فإن ذلك أكبر عون على هذا المطلب .
ومتى علم العبد أن القرآن فيه تبيان كل شيء، وأنه كفيل بجميع المصالح مبين لها، حاث عليها، زاجر عن المضار كلها، وجعل هذه القاعدة نصب عينيه، ونزلها على كل واقع وحادث سابق أو لاحق، ظهر له عظم مواقعها وكثرة فوائدها وثمرتها .


هذه القاعدة الأولى وهناك قواعد سوف نسردها في القسم هذا والله عزوجل المعين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:09 am


القاعدة الثانية

العبــــرة بعمـــــوم اللــفظ لابخصـــــــــوص الإسبــــــاب

وهذه القاعدة نافعة جداً، بمراعاتها يحصل للعبد خير كثير وعلم غزير، وبإهمالها وعدم ملاحظتها يفوته علم كثير، ويقع الغلط والارتباك الخطير .
وهذا الأصل اتفق عليه المحققون من أهل الأصول وغيرهم، فمتى راعيت القاعدة حق الرعاية وعرفت أن ما قاله المفسرون من أسبـاب النزول إنما هوعلى سبيل المثـال لتوضيـح الألفاظ، و ليست معاني الألفاظ و الآيات مقصورةً عليها . فقولهم: نزلت في كذا و كذا، معناه: أن هذا مما يدخل فيها، ومن جملة ما يراد بها، فإن القرآن ـ كما تقدم ـ إنما نزل لهداية أول الأمة وآخرها، حيث تكون وأنى تكون .
والله تعالى قد أمرنا بالتفكر والتدبر لكتابه، فإذا تدبرنا الألفاظ العامة، وفهمنا أن معناها يتناول أشياء كثيرة، فلأي شيء نخرج بعض هذه المعاني، مع دخول ما هو مثلها ونظيرها فيها ؟ ولهذا قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه " إذا سمعت الله يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } فأرعها سمعك، فإنه إما خير تُؤمر به، وإما شر تُنهى عنه " .
فمتى مر بك خبر عن صفات الله وأسمائه، وعما يستحقه من الكمال، وما يتنزه عنه من النقص . فأثبت له جميع ذلك المعنى الكامل الذي أثبته سبحانه لنفسه ونزّهه عن كل ما نزه نفسه عنه، وكذلك إذا مر بك خبر عن رسله وكتبه واليوم الآخر، وعن جميع الأمور السابقة واللاحقة، فاجزم جزماً لا شك فيه أنه حق على حقيقته، بل هو أعلى أنواع الحق والصدق، قيلا و حديثا .
وإذا أمر بشيء نظرت إلى معناه، وما يدخل فيه وما لا يدخل، وعلمت أن ذلك الأمر موجه إلى جميع الأمة، وكذلك في النهي .
ولهذا كانت معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله أصلَ كل الخير والفلاح، والجهل بذلك أصل كل الشر والخسران .
فمراعاة هذه القاعدة أكبر عون على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله و القيام بها . والقرآن قد جمع أجل المعاني وأنفعها وأصدقها بأوضح الألفاظ وأحسنها كما قال تعالى: { وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } [الفرقان:33]، يوضح ذلك ويبينه وينهج طريقته:

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:10 am


القاعدة الثالثة

الألف واللام الداخلة على الأوصاف و أسماء الأجناس
تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه

وقد نص على ذلك أهل الأصول وأهل العربية، واتفق على اعتبار ذلك أهل العلم والإيمان . فمثلُ قوله تعالى:{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ـ إلى قوله تعالى ـ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } [الأحزاب: 35] يدخل في هذه الأوصاف كل ما تناوله من معاني الإسلام والإيمان والقنوت والصدق إلى آخرها . وأن بكمال هذه الأوصاف يكمل لصاحبها ما رتب عليها من المغفرة والأجر العظيم، وبنقصانها ينقص، وبعدمها يفقد، وهكذا كل وصف رتب عليه خير وأجر وثواب، وكذلك ما يقابل ذلك كل وصف نَهى الله عنه ورتب عليه وعلى المتصف به عقوبة وشراً ونقصاً، يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور، وكذلك مثل قوله تعالى: { إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً } [المعارج من 19: 21]، عام لجنس الإنسان . فكل إنسان هذا وصفه إلا من استثنى الله بقوله: { إِلَّا الْمُصَلِّين َ} [المعارج:22] إلى آخرها كما أن قوله:{ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ } [العصر 1،2] دال على أن كل إنسان عاقبته ومآله إلى الخسار { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [العصر:3] وأمثال ذلك كثير .
وأعظم ما تعتبر به هذه القاعدة: في الأسماء الحسنى، فإن في القرآن منها شيئاً كثيراً، وهي من أجل علوم القرآن بل هي المقصد الأول للقرآن .
فمثلاً يخبر الله عن نفسه: أنه الرب الحي القيوم، وأنه الملك والعليم والحكيم، والعزيز والرحيم، والقدوس السلام، والحميد المجيد . فالله هو الذي له جميع معاني الربوبية التي يستحق أن يؤله لأجلها وهي صفات الكمال كلها، والمحامد كلها له، والفضل كله، والإحسان كله، وأنه لا يُشارِك اللهَ أحد في معنى من معاني الربوبية
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11]
لا بشر ولا مَلَك، بل هم جميعاً عبيد مربوبون لربهم بكل أنواع الربوبية، مقهورون خاضعون لجلاله وعظمته، فلا ينبغي أن يكون أحد منهم نداً، ولا شريكا لله في عبادته وإلهيته، فبربوبيته سبحانه يربي الجميع من ملائكة وأنبياء وغيرهم: خلقاً ورزقاً وتدبيراً وإحياء وإماتة، وهم يشكرونه على ذلك بإخلاص العبادة كلها له وحده، فيؤلهونه ولا يتخذون من دونه ولياً ولا شفيعاً، فالإلهية حق له سبحانه على عبادته بصفة ربوبيته، وأنه الملك الذي له جميع معاني الملك، وهو الملك الكامل والتصرف النافذ، وأن الخلق كلهم مماليك لله، عبيد تحت أحكام ملكه القدرية والشرعية والجزائية ، وأنه العليم بكل شيء، الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، الذي أحاط علمه بالبواطن والظواهر والخفيات والجليات والواجبات والمستحيلات، والجائزات .
والأمور السابقة واللاحقة والعالم العلوي والسفلي والكليات والجزئيات . وما يعلم الخلق وما لا يعلمون
{ و لا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255] وأنه الحكيم الذي له الحكمة التامة الشاملة لجميع ما قضاه وقدره وخلقه، وجميع ما شرعه لا يخرج عن حكمته، لا مخلوق ولا مشروع، وأنه العزيز الذي له جميع معاني العزة على وجه الكمال التام من كل وجه، عزة القوة وعزة الامتناع، وعزة القهر والغلبة، وأن جميع الخلق في غاية الذل ونهاية الفقر، ومنتهى الحاجة والضرورة إلى ربهم، وأنه الرحمن الرحيم الذي له جميع معاني الرحمة الذي وسعت رحمته كل شيء، ولم يخل مخلوق من إحسانه وبره طرفة عين . تبلغ رحمته حيث يبلغ علمه { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً }
[غافر: 7] وأنه القدوس السلام، المعظم المنزه عن كل عيب وآفة ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له ند من خلقه .
وهكذا بقية الأسماء الحسنى، اعتبرْها بهذه القاعدة الجليلة ينفتح لك باب عظيم من أبواب معرفة الله، بل أصل معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه أسماؤه الحسنى، وتقتضيه من المعاني العظيمة، بحسب ما يقدر عليه العبد، وإلا فلن يبلغ علم أحد من الخلق بذلك، ولن يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده .
ومن ذلك قوله تعالى
: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }
[المائدة: 2]، يشمل جميع أنواع البر والخير، وتشمل التقوى جميع ما يجب اتقاؤه من أنواع المَخُوفات و المعاصي والمحرمات . والإثم: اسم جامع لكل ما يؤثم، ويوقع في المعصية . كما أن العدوان: اسم جامع يدخل فيه جميع أنواع التعدي على الناس في الدماء والأموال والأعراض، والتعدي على مجموع الأمة، وعلى الحكومات والتعدي على حدود الله .
و" المعروف " في القرآن: اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعاً وعقلاً، وعكسه: المنكر والسوء والفاحشة .
وقد نبه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته إلى هذه القاعدة، وأرشدهم إلى اعتبارها إذ علمهم أن يقولوا في التشهد في الصلاة:
( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) فقال:
( فإنكم إذا قلتم ذلك سلمتم على كل عبد صالح من أهل السماء والأرض )
[ رواه البخاري ]
وأمثلتها في القرآن كثيرة جداً

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:11 am

القاعدة الرابعة
إذا وقعت النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط
أو الاستفهام دلت على العموم


كقوله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً } [النساء: 36] فإنه نهى عن الشرك به في النيات، والأقوال والأفعال، وعن الشرك الأكبر، والأصغر والخفي، والجلي . فلا يجعل العبد لله نداً ومشاركاً في شيء من ذلك .
ونظيرها قوله: { فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً } [البقرة: 22] .
وقوله في وصف يوم القيامة: { يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } [الانفطار: 19]، يعم كل نفس، وأنها لا تملك شيئاً من الأشياء، لأي نفس أخرى، مهما كانت الصلة، لا إيصال شيء من المنافع، ولا دفع شيء من المضار .
وكقوله تعالى: { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ } [يونس: 107]، فكل ضر قدره الله على العبد ليس في استطاعة أحد من الخلق كائنا من كان كشفه بوجه من الوجوه .
ونهاية ما يقدر عليه المخلوق من الأسباب والأدوية: إنما هو جزء من أجزاء كثيرة داخلة في قضاء الله وقدره .
وقوله:{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ }[فاطر: 2] وقوله { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } [النحل: 53] يشمل كل خير في العبد ويصيب العبد، وكل نعمة فيها حصول محبوب، أو دفع مكروه، فإن الله هو المنفرد بذلك وحده .
وقوله { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُو } [فاطر: 3]، وإذا دخلت [ من ] صارت نصاً في العموم كهذه الآية: { فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [الحاقة:47] وقوله { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } [الأعراف: 59]، ولها أمثلة كثيرة جداً .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:12 am


القاعدة الخامسة
المقرر: أن المفرد المضاف يفيد العموم
كما يفيد ذلك اسم الجمع

فكما أن قوله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } [النساء: 23] إلى آخرها يشمل كل أم انتسبت إليها، وإن علت . وكل بنت انتسبت إليك وإن نزلت ـ إلى آخر المذكورات ـ فكذلك قوله تعالى: { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } [الضحى:11] فإنها تشمل النعم الدينية والدنيوية، وقوله: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام:162] فإنها تعم الصلوات كلها، والأنساك كلها، وجميع ما العبد فيه وعليه في حياته ومماته، الجميع من الله فضلاً وإحساناً، وأنك قد أتيت ما أتيت منه وأوقعته وأخلصته لله وحده، لا شريك له .
وقوله: { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً } [البقرة: 125] على أحد القولين: إنه يشمل جميع مقاماته في مشاعر الحج: اتخذوه معبداً .
وأصْرَح من هذا قوله تعالى: { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } [النحل: 123]، وهذا شامل لكل ما هو عليه من التوحيد والإخلاص لله تعالى، والقيام بحق العبودية .
وأعم من ذلك وأشمل: قوله تعالى لما ذكر الأنبياء: { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام: 90] فأمره الله أن يقتدي بجميع ما عليه المرسلون من الهدى، الذي هو العلوم النافعة والأخلاق الزاكية، والأعمال الصالحة، والهدى المستقيم . وهذه الآية أحد الأدلة على الأصل المعروف: [ أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه ] وشرع الأنبياء السابقين هو هداهم في أصول الدين وفروعه، وكذلك قوله تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ } [الأنعام: 153]، وهذا يعم جميع ما شرعه لعباده، فعلاً وتركاً، اعتقاداً وانقياداً، وأضافه إلى نفسه في هذه الآية لكونه هو الذي نصبه لعباده، كما أضافه إلى الذين أنعم عليهم في قوله { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } [الفاتحة: 7] لكونهم هم السالكين له . فصراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ما اتصفوا به من العلوم والأخلاق والأوصاف والأعمال وكذلك قوله { وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } [الكهف: 110] يدخل في ذلك جميع العبادات الظاهرة والباطنة، العبادات الاعتقادية والعملية، كما أن وصف الله لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالعبودية المضافة إلى الله كقوله: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } [الاسراء: 1] وكقوله { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } [البقرة:23] وقوله { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ }[الفرقان: 1] تدل على أنه وفَّي جميع مقامات العبودية، حيث نال أشرف المقامات بتوفيته لجميع مقامات العبودية، وقوله: { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر: 36] فكلما كان العبد أقوم بحقوق العبودية كانت كفاية الله له أكمل وأتم، وما نقص منها نقص من الكفاية بحسبه .
وقوله: { وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [القمر:50]
وقوله: { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [النحل:40] يشمل جميع أوامره القدرية الكونية . وهذا في القرآن شيء كثير .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:13 am


القاعدة السادسة
في طريقة القرآن في تقرير التوحيد ونفي ضده

القرآن كله لتقرير التوحيد ونفي ضده، وأكثر الآيات يقرر الله فيها توحيد الألوهية، وإخلاص العبادة لله وحده، لا شريك له، ويخبر أن جميع الرسل إنما أرسلت تدعوا قومها إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وأن الله تعالى إنما خلق الجن والإنس ليعبدوه، وأن الكتب والرسل بل الفطر والعقول السليمة كلها اتفقت على هذا الأصل، الذي هو أصل الأصول كلها، وأن من لم يَدِنْ بهذا الدين الذي هو إخلاص العبادة والقلب والعمل لله وحده فعمله باطل { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [الزمر: 65] { وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأنعام: 88]، ويدعوا العباد إلى ما تقرر في فطرهم وعقولهم من أن الله المنفرد بالخلق والتدبير والمنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة: هو الذي يستحق العبادة وحده، ولا ينبغي أن يكون شيء منها لغيره، وأن سائر الخلق ليس عندهم أي قدرة على خلق، ولا نفع، ولا دفع ضر، عن أنفسهم فضلا عن أن يغنوا عن أحد غيرهم من الله شيئا .
ويدعوهم أيضاً إلى هذا الأصل بما يَتَمَدَّح به، ويُثني على نفسه الكريمة، من تفرده بصفات العظمة والمجد، والجلال والكمال، وأن من له هذا الكمال المطلق الذي لا يشاركه فيه مشارك: أحق من أُخلصت له الأعمال الظاهرة والباطنة .
ويقرر هذا التوحيد بأنه هو الحاكم وحده، فلا يحكم غيره شرعاً ولا جزاء { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [يوسف: 40] .
وتارة يقرر هذا بذكر محاسن التوحيد، وأنه الدين الوحيد الواجب شرعاً وعقلاً وفطرة، على جميع العبيد، وبذكر مساوئ الشرك وقبحه، واختلال عقول أصحابه بعد اختلال أديانهم، وتقليب أفئدتهم، وكونهم أضل من الأنعام سبيلا .
وتارة يدعو إليه بذكر ما رتب عليه من الجزاء الحسن في الدنيا والآخرة، والحياة الطيبة في الدور الثلاث، وما رتب على ضده من العقوبات العاجلة والآجلة، وكيف كانت عواقب المشركين أسوأ العواقب وشرها .
وبالجملة: فكل خير عاجل وآجل، فإنه من ثمرات التوحيد، وكل شر عاجل وآجل، فإنه من ثمرات الشرك والله أعلم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:14 am


القاعدة السابعة
في طريقة القرآن في تقرير نبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم

هذا الأصل الكبير: قرره الله في كتابه بالطرق المتنوعة التي يعرف بها كمال صدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبر أنه صدق المرسلين، ودعا إلى ما دعوا إليه، وأن جميع المحاسن التي في الأنبياء في نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما نُزِّهوا عنه من النقائص والعيوب، فرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أولاهم وأحقهم بهذا التنزيه، وأن شريعته مهيمنة على جميع الشرائع، وكتابه مهيمن على كل الكتب . فجميع محاسن الأديان والكتب قد جمعها الله في هذا الكتاب وهذا الدين، وفاق عليها بمحاسن وأوصاف لم توجد في غيره، وقرر نبوته بأنه أمي لا يكتب ولا يقرأ، ولا جالس أحداً من أهل العلم بالكتب السـابقة، بل لم يَفْجَـأ الناس إلا وقد جاءهم بهذا الكتاب الذي لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما أَتوا ولا قَدِروا، ولا هو في استطاعتهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وأنه محال مع هذا أن يكون من تلقاء نفسه، أو أن يكون قد تقوَّله على ربه، أو أن يكون على الغيب ظنيناً .
وأعاد القرآن وأبدى في هذا النوع، وقرر ذلك بأنه يخبر بقصص الأنبياء السابقين مطولة على جميع الواقع، الذي لا يستريب فيه أحد، ثم يخبر تعالى: أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى لما ذكر قصة موسى مطولة { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ } [القصص: 44] ولما ذكر قصة يوسف وإخوته مطولة قال:
{ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } [يوسف:102]
فهذه الأمور والإخبارات المفصلة التي يفصلها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما أوحي إليه تفصيلاً، صحح به أكثر الأخبار والحوادث التي كانت في كتب أهل الكتاب محرفة ومشوهة بما أضافوا إليها من خرافات وأساطير، حتى ما يتعلق منها بعيسى وأمه وولادتهما ونشأتهما، وبموسى وولادته ونشأته، كل ذلك وغيره لم يكن يعرفه أهل الكتاب على حقيقته حتى جاء القرآن، فقص ذلك على ما وقع وحصل، مما أدهش أهل الكتاب وغيرهم، وأخرس ألسنتهم حتى لم يقدر أحد منهم ممن كان في وقته، ولا ممن كانوا بعد ذلك، أن يكذبوا بشيء منها، فكان ذلك من أكبر الأدلة على أنه رسول الله حقاً .
وتارة يقرر نبوته بكمال حكمة الله، وتمام قدرته، وأن تأييده لرسوله ونصره على أعدائه، وتمكينه في الأرض هو مقتضى حكمةِ ورحمةِ العزيز الحكيم، وأن من قدح في رسالته فقد قدح في حكمة الله وفي قدرته . وفي رحمته، بل وفي ربوبيته .
وكذلك نصره وتأييده الباهر لهذا النبي صلى الله عليه وسلم على الأمم الذين هم أقوى أهل الأرض من آيات رسالته، وأدلة توحيده، كما هو ظاهر للمتأملين .
وتارة يقرر نبوته ورسالته بما جمع له وكمله به من أوصاف الكمال، وما هو عليه من الأخلاق الجميلة، وأن كل خلق عال سام فلرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منه أعلاه وأكمله .
فمن عظمت صفاته، وفاقت نعوته جميع الخلق التي أعلاها: الصدق والأمانة، أليس هذا أكبرَ الأدلة على أنه رسول رب العالمين، والمصطفى المختار من الخلق أجمعين ؟
وتارة يقررها بما هو موجود في كتب الأولين، وبشارات الأنبياء والمرسلين السابقين، إما باسمه العلم أو بأوصافه الجليلة، وأوصـاف أمته وأوصـاف دينـه، كما في قوله تعالـى
{ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } الصف: 6] .
وتارة يقرر رسالته بما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب المستقبلة، التي وقعت في زمان مضى على زمانه، أو وقعت في زمانه والتي لا تزال تقع في كل وقت، فلولا الوحي ما وصل إليه شيء من هذا، ولا كان له ولا لغيره طريق إلى العلم به .
وتارة يقررها بحفظه إياه، وعصمته له من الخلق، مع تكالب الأعداء وضغطهم عليه، وجِدِّهم التام في الإيقاع به بكل ما في وسعهم، والله يعصمه ويمنعه منهم وينصره عليهم، وما ذاك إلا لأنه رسوله حقا، وأمينه على وحيه والمبلغ ما أمر به .
وتارة يقرر رسالته بذكر عظمة ما جاء به وهو القرآن الذي { لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت:42] ويتحدى أعداءه، ومن كفر به أن يأتوا بمثله أو بعشر سور مثله أو بسورة واحدة، فعجزوا ونكصوا وباءوا بالخيبة والفشل، وهم أهل اللسان المُبـَرِّزون في ميدان القـول والفصـاحة، ومع ذلك ما استطـاعـوا ـ مع شدة حرصـهم
ومحاولتِهم ـ أن يأتوا بسورة منه وما استطـاعـوا ولا قدروا ـ مع شدة حرصـهم ومحاولتِهم ـ أن يجدوا فيه نقصاً أو عيباً ينزل به عن أعلى درجات الفصاحة التي ملكت أزمة قلوبهم، فلجأوا إلى السيف وإراقة دمائهم، وما كانوا يعمدون إلى هذا لولا أنهم لم يجدوا سبيلاً إلى محاربته بالقول، وما كانوا يزعمونه عندهم علوماً وحكماً، فكان عدولهم إلى السيف وإراقة الدماء أكبر الأدلة على صدق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وأقطع البراهين على أنه الحق والهدى من عند الله الذي جمع الله فيه لرسوله وللمؤمنين به كل ما يكفل لهم سعادة الدنيا والآخرة في كل شئونهم . وأن هذا القرآن لأكبرُ أدلة رسالته وأجلُّها وأعمُّها .
والله تعالى يقرر أن القرآن كاف جداً أن يكون هو الدليل الوحيد على صدق رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مواضع عدة، منها قوله: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [العنكبوت:51] .
وتارة يقرر رسالته بما أظهر على يديه من المعجزات، وما أجرى له من الخوارق والكرامات، الدالِّ كل واحد منها بمفرده ـ فكيف إذا اجتمعت ـ على أنه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
وتارة يقررها بعظيم شفقته على الخلق، وحُنوِّه الكامل على أمته، وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه لم يوجد ولن يوجد أحد من الخلق أعظم شفقة ولا براً وإحساناً إلى الخلق منه، وآثار ذلك ظاهرة للناظرين .
فهذه الأمور والطرق قد أكثر الله من ذكرها في كتابه وقررها بعبارات متنوعة، ومعاني مفصلة وأساليب عجيبة، وأمثلتها تفوق العد والإحصاء . والله أعلم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:14 am


القاعدة الثامنة
طريقة القرآن في تقرير المعاد

وهذا الأصل الثالث من الأصول التي اتفقت عليها الرسل والشرائع كلها وهي: التوحيد، والرسالة، وأمر المعاد وحشر العباد .
وهذا قد أكثر الله من ذكره في كتابه الكريم، وقرره بطرق متنوعة:
منها: إخباره وهو أصدق القائلين عنه وعما يكون فيه من الجزاء الأوفى، مع إكثار الله من ذكره، فقد أقسم عليه في ثلاثة مواضع من كتابه، كقوله: { لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ } [القيامة:1] . ومنها الإخبار بكمال قدرة الله تعالى، ونفوذ مشيئته، وأنه لا يعجزه شيء، فإعادة العباد بعد موتهم فرد من أفراد آثار قدرته .
ومنها تذكيره العباد بالنشأة الأولى، وأن الذي أوجدهم ولم يكونوا شيئاً مذكوراً، لابد أن يعيدهم كما بدأهم، وأن الإعادة أهون عليه، وأعاد هذا المعنى في مواضع كثيرة بأساليب متنوعة .
ومنها: إحياؤه الأرضَ الهامدة الميتة بعد موتها، وأن الذي أحياها سيحي الموتى، وقرر ذلك بقدرته على ما هو أكبر من ذلك، وهو خلق السماوات والأرض، والمخلوقات العظيمة، فمتى أثبت المنكرون ذلك، ولن يقدروا على إنكاره، فلأي شيء يستبعدون إحياء الموتى؟ وقرر ذلك بسعة علمه، وكمال حكمته، وأنه لا يليق به، ولا يحسن أن يترك خلقه سدى مهملين، لا يُؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون . وهذا طريق قرر به النبوة وأمر المعاد .
ومما قرر به البعث ومجازاة المحسنين بإحسانهم، والمسيئين بإسائتهم: ما أخبر به من أيامه و سننه سبحانه في الأمم الماضية والقرون الغابرة . وكيف نجى الأنبياء وأتباعهم، وأهلك المكذبين لهم المنكرين للبعث، ونوَّعَ عليهم العقوبات، وأحل بهم المَثُلات، فهذا جزاء معجل ونموذج من جزاء الآخرة أراه الله عباده، ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة .
ومن ذلك: ما أرى الله عباده من إحيائه الأموات في الدنيا كما ذكره الله عن صاحب البقرة والألوف من بني إسرائيل، والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وقصة إبراهيم الخليل والطيور، وإحياء عيسى بن مريم للأموات وغيرها مما أراه الله عباده في هذه الدار، ليعلموا أنه قوي ذو اقتدار، وأن العباد لابد أن يَرِدوا دار القرار، إما الجنة أو النار .
وهذه المعاني أبداها الله وأعادها في محال كثيرة . والله أعلم

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:15 am


القاعدة التاسعة
في طريقة القرآن في أمر المؤمنين وخطابهم بالأحكام الشرعية


قد أمر الله تعالى بالدعاء إلى سبيله بالتي هي أحسن، أي بأقرب طريق موصل للمقصود، محصل للمطلوب، ولا شك أن الطرق التي سلكها الله في خطاب عباده المؤمنين بالأحكام الشرعية هي أحسنها وأقربها .
فأكثر ما يدعوهم إلى الخير وينهاهم عن الشر بالوصف الذي من عليهم به وهو الإيمان، فيقول: يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا واتركوا كذا لأن في ذلك دعوة لهم من وجهين:
أحدهما من جهة الحث على القيام بلوازم الإيمان، وشروطه ومكملاته، فكأنه يقول: يا أيها الذين آمنوا قوموا بما يقتضيه إيمانكم من امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، والتخلق بكل خلق حميد والتجنب لكل خلق رذيل .
فإن الإيمان الحقيقي هكذا يقتضي، ولهذا أجمع السلف أن الإيمان يزيد وينقص، وأن جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة من الإيمان ولوازمه، كما دلت على هذا الأصل الأدلة الكثيرة، من الكتاب والسنة ـ وهذا أحدها ـ حيث يصدر الله أمر المؤمنين بقوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } أو يعلق فعل ذلك على الإيمان وأنه لا يتم الإيمان إلا بذلك المذكور .
والوجه الثاني أن يدعوهم بقوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } افعلوا كذا، أو اتركوا كذا، أو يعلق ذلك بالإيمان، يدعوهم بمنته عليهم بهذه المنة، التي هي أجل المنن، أي: يا من مَنَّ الله عليهم بالإيمان، قوموا بشكر هذه النعمة، بفعل كذا وترك كذا .
فالوجه الأول: دعوة لهم أن يتمموا إيمانهم، ويكملوه بالشرائع الظاهرة والباطن .
والوجه الثاني: دعوة لهم إلى شكر نعمة الإيمان، ببيان تفصيل هذا الشكر، وهو الانقياد التام لأمره ونهيه، وتارة يدعوا المؤمنين إلى الخير، وينهاهم عن الشر، بذكر آثار الخير، وعواقبه الحميدة العاجلة والآجلة، وبذكر آثار الشر، وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة .
وتارة يدعوهم إلى ذلك بذكر نعمه المتنوعة، وآلائه الجزيلة، وإن النعم تقتضي فهم القيام بشكرها، وشكرها هو القيام بحقوق الإيمان .
وتارة يدعوهم إلى ذلك بالترغيب والترهيب، ويذكر ما أعد الله للمؤمنين الطائعين من الثواب وما للعصاة من العقاب .
وتارة يدعوهم إلى ذلك بذكر ما له من الأسماء الحسنى، وما له من الحق العظيم على عباده، وأن حقه عليهم أن يقوموا بعبوديته ظاهراً وباطناً، ويتعبدوا له وحده، ويدعوه بأسمائه الحسنى وصفاته المقدسة .
فالعبادات كلها شكر لله وتعظيم وتكبير، وإجلال وإكرام، وتودد إليه، وتقرب منه .
وتارة يدعوهم إلى ذلك، لأجل أن يتخذوه وحده ولياً وملجأ، وملاذا ومَعاذا، ومفزعا إليه في الأمور كلها، وينيبوا إليه في كل حال، ويخبرهم أن هذا هو أصل سعادة العبد وصلاحه وفلاحه، وأنه إن لم يدخل في ولاية الله وتوليه الخاص تولاه عدوه الذي يريد له الشر والشقاء، ويمنيه ويغره، حتى يفوِّته المنافع والمصالح ويوقعه في المهالك .
وهذا كله مبسوط في القرآن بعبارات متنوعة .
وتارة يحثهم على ذلك ويحذرهم من التشبه بأهل الغفلة والإعراض، والأديان المُبَدَّلة، لئلا يلحقهم من اللوم ما لحق أولئك الأقوام . كقوله { وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [الزمر: 65] { فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين } [البقرة: ة35] { وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ } [لأعراف: 205] { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } [الحديد:16]، إلى غير ذلك من الآيات .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 190
تاريخ التسجيل : 15/03/2009
الموقع : https://assirat.ahlamontada.net

قواعد في تفسير القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: قواعد في تفسير القرآن الكريم   قواعد في تفسير القرآن الكريم Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 3:16 am


القاعدة العاشرة
في طرق القرآن إلى دعوة الكفار على اختلاف مللهم

يدعوهم إلى الإسلام، والإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يصفه من محاسن شرعه ودينه، وما يذكره من براهين رسالة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليهتدي منْ قصد الحق والإنصاف، وتقوم الحجة على المعاند .
وهذه أعظم طريق يدعى بها جميع المخالفين لدين الإسلام .
فإن محاسن دين الإسلام ومحاسن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآياته وبراهينه فيها كفاية تامة للدعوة، بقطع النظر عن إبطال شبههم، وما يحتجون به، فإن الحق إذا اتضح علم أن كل ما خالفه فهو باطل وضلال .
ويدعوهم بما يخوفهم من أحداث الأمم وعقوبات الدنيا والآخرة، وبما في الأديان الباطلة من أنواع الشرور، والعواقب الخبيثة، وأنها إنما تقوم على الغفلة والتكذيب لآيات الله الكونية والعلمية بالوقوع تحت سلطان الجهل والتقليد الأعمى للآباء والشيوخ والسادة، ويحذرهم من طاعة هؤلاء الرؤساء، فإنهم رؤساء الشر، ودعاة النار، وأنهم لابد أن تتقطع نفوسهم على ما عملوه وقدموه حسرات، وأنهم يتمنون أن لو أطاعوا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يطيعوا السادة والرؤساء، وأن مودتهم وصداقتهم وموالاتهم ستتبدل بغضا وعداوة .
ويدعوهم أيضاً بنحو ما يدعوا المؤمنين بذكر آلائه ونعمه، وأن المنفرد بالخلق والتدبير والنعم الظاهرة والباطنة هو الذي يجب على العباد طاعته، وامتثال أمره واجتناب نهيه .
ويدعوهم أيضاً بشرح ما في أديانهم الباطلة، وما احتوت عليه من القبح، ويقارن بينها وبين دين الإسلام، ليتبين ويتضح ما يجب إيثاره، وما يتعين اختياره، ويدعوهم بالتي هي أحسن . فإذا وصلت بهم الحال إلى العناد والمكابرة الظاهرة توعدهم بالعقوبات الصوارم، وبين للناس طريقتهم التي كانوا عليها، وأنهم لم يخالفوا الدين جهلاً وضلالاً أو لقيام شبهة أوجبت لهم التوقف، وإنما ذلك جحود ومكابرة وعناد .
ويبين مع ذلك الأسباب التي منعتهم من متابعة الهدى، وأنها رياسات وأغراض نفسية، وأنهم لما آثروا الباطل على الحق طبع على قلوبهم وختم عليها، وسد عليهم طريق الهدى عقوبة لهم على إعراضهم وتوليهم الشيطان، وإعراضهم عن الرحمن، وأنه ولاهم ما تولوا لأنفسهم .
وهذه المعاني الجزيلة مبسوطة في القرآن في مواضع كثيرة، فتأمل وتدبر القرآن تجدها واضحة جلية، والله أعلم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assirat.ahlamontada.net
 
قواعد في تفسير القرآن الكريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجدول في إعراب القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع
» لأول مرة فى المنتديات ( القرآن الكريم) والقراءات المبكية جدً 2008
» القرآن الكريم بصوت القارئ الشيخ / سعد الغامدي وبصوت نقي جداوبصيغة Mp3
» من منــا لم يسمع بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وصوته العذب والرائع في تلاوة القرآن الكريم
» تفسير الفخر الرازي مفاتح الغيب كتاب الكتروني رائع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الصراط :: ~*¤ô§ô¤*~ منتديات اسلامية ~*¤ô§ô¤*~ :: ~*¤ô§ô¤*~ القرآن الكريم ~*¤ô§ô¤*~-
انتقل الى: